Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

الجمعة، 24 يونيو 2011

جداول النــــور


جداول النــــور



تشرق الأنوار من القرآن على القلوب على حسب بصرها وبصيرتها وقدرتها على استيعاب تلك الأنوار من كلام العزيز الغفار .
] الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح فى زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم [ سورة النور35
قال أبى بن كعب وابن عباس رضى الله عنهم ( مثل نوره فى قلب المسلم ) الله ينير القلوب على حسب طهارتها وتطهرها وعلى ذلك يترتب نهلها من كلامه تبارك وتعالى وكلما طهرت لا تشبع من كلام الله ( قال عثمان : لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم ).
وكلما استنار القلب وأصبح مشبَّعا بالنور من القرآن ومعانيه كلما تدفقت أنواره فى جداول النوروهى الجوارح مصب الأنوار من القلب النبع الصافى لكل التصورات المستقيمة والإرادات الحسنة الخالصة قال أبو هريرة رضي الله عنه( القلب ملك والأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طابت الجنود وإذا خبث الملك خبثت الجنود ) .
فتجد النور على الكلمات الدالة على عمران الفؤاد بمحبة الرحمن .
ونجده أيضا على الأركان الباذلة جهدها فى خدمة الديان من ركوع وسجود وسعى فى نشر الخير وخدمة المسلمين والأعمال الصالحة عموما هي الأوعية لمواجيد القلب وأنواره.. وتجد هذا النور جليا على الوجوه .. فالوجه خريطة القلب وعليه تظهر صفات القلب والروح .
وفى أثر عطاء بن يساررحمه الله الذى ذكره ابن القيم فى روضة المحبين إشارة إلى ذلك حيث قال ( سأل موسى عليه السلام ربه : رب من هم أهلك الذين هم أهلك  الذين تظلهم فى ظلك يوم لا ظل إلا ظلك )
قال : هم البريئة أيديهم المطهرة قلوبهم الذين يسبغون الوضوء على المكاره الذين إذا ذكروا ذكرت بهم وإذا ذكرت ذكروا بى )
إذا رؤوا ذكر الله .. وكأن قسمات وجوههم تدلك على قلب ضارع فى محراب العبودية
( قال جعفر بن محمد : كنت إذا أحسست من قلبى قساوة أذهب إلى محمد بن واسع فأنظر فى وجهه نظرة فإذا وجهه وجه ثكلى فأخشع عليها أسبوعا )
أسبوع من الخشوع لما فى الوجه من تدفقات النور فى ذلك الجدول الجميل ..
قال ابن عباس : إن للطاعة نورا فى الوجه وقوة فى البدن وسعة فى الرزق وإن للمعصية ظلمة فى الوجه وضعفا فى البدن وضيقا فى الرزق .
قال عبد الله بن مبارك : كنت إذا نظرت إلى الفضيل جدد لى الحزن ومقتُّ نفسى .
ويزداد فيضان الأنوار من القلب على الجوارح أكثر وأكثر إذا كانت تلك الأنوار نفعها يتعدى للناس فتصبح الأعمال دائمة لا تنقطع


من علم ينتفع به
أو صدقة جارية
أو ولد صالح يدعو لك
أو توريث مصحف
أو حفر نهر

ولعصرنا أيضا توزيع الكتب والمطويات والأقراص المضغوطة والشرائط والدلالة عليها وتلاوة القرآن تعليما وتدريس العلوم الشرعية وكلما انتفع إنسان بالنور من تلك الأعمال الصالحة واهتدى كلما ازداد النور فى الوجه والجوارح وكلما أفاض الله برحمته من أنواره وبركاته على ذلك القلب .
ولذلك الدعاة والعلماء الربانيون يجدون فى قلوبهم ما لا يجده غيرهم إلا إذا اقترب منهم ومن أعمالهم فهنالك يجد أنوارا من ذوق المعارف الإلهية والربانية ولذلك من نعيم الحياة أن تصحب عالما وليا ربانيا ومن نعيم الجنة أن تصحب الأنبياء والمرسلين .
] ومن يطع الله والرسول فأولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا * ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما[سورة النساء69ـ70
إذا وجدت جداول النور مظلمة مقفرة جافة فاعلم أن القلب تائه عن درب النور مظلم يحتاج للتزود فعليك بالقرآن تلقيا وتنزيلا على أدواء القلب.
وتدبرا و فهما وتغنيا .فتنفتق لك طاقة نور تتدفق منها الأنوار من جديد للجوارح والأعمال .
] وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم [ سورة الشورى52 ولا تحسب أن أمر التدبر والتفهم للقرآن قد بعدت بينك وبينه الشقة ...لا بل ابذل من وقتك في التلاوة والسماع  وسوف تتذوق حتى وان كانت بضاعتك قليلة في العلم فلقد قال الله تعالى(ولقديسرنا القرآن للذكر فهل من مدَّكِر) سورة القمر17  تزود من النور لتملأ تلك الجداول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء) خذ بحظك من الأنوار قال صلى الله عليه وسلم (بشر المشَّائين في الظُلَم بالنور التام يوم القيامة)  ادع بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان يذهب للمسجد (اللهم اجعل في قلبي نورا ’وفي لساني نورا واجعل في سمعي نةرا واجعل في بصري نورا واجعل من خلفي نورا ’ومن أمامي نورا’واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورااللهم أعطني نورا)متفق عليه تلك الأنوار المعنوية تنقلب يوم القيامة أنواراً حسية ترى وتُعاين والخلائق من المسلمين يمرُّون على الصِّراط فمنهم من نوره كالشمس ومنهم من نوره كالقمر ومنهم من نوره على إبهام إصبعه يضيء مرة ويخفت مرة ومنهم المنافقون الذين يؤتون نورا في أول الصراط ثم ينزع منهم في وسطه فينادون المؤمنين في خشوع وحسرات على الأيام الخالية في الدنيا مرَّت وجداول النور مقفرة ومظلمة ولقد وصف الله هذا المشهد المهيب بعد الدعوة للتصدُّق والبذل في تلك الآيات التي تداوي القلب من جراحات الدنيا الكالحة فقال(من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم *يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هوالفوز العظيم*يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير*ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون)الحديد 11-16
ألم يأن لنا أن تخشع قلوبنا وتمتلىء حبا للآخرة وشوقا ونورا يبدد ظلمات الدنيا من ظلم للنفس من ذنوب ومعاصٍ وكبائر وظلم أكبر وهو الشرك بالله في التصورات والإرادات فالظلم ظلمات يوم القيامة ولاينقشع إلا من هنا.... من تدفق الأنوار في جداول النور...فالتمسوا نورا....

                                                                        أقول قولى هذا
                                                                        و أستغفر الله
                                                                         لى ولكم 

الخميس، 9 يونيو 2011

لحظة اللقاء


لحظة اللقاء


كتبه / أبو بكر القاضي

بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم

-        إن وفاة العارفين وعباد الله المقربين من أروع الصور التي تبرز فيها المعاني الروحية السامية أمثال الحب والوفاء والشوق إلى اللقاء والثقة بوعد الله والحنين إلى رضاه حية ًشاخصةً رائعة ًفهي ساعةُ تتجلى فيها كل هذه المعاني والحقائق التي  جاهدوا لأجلها وتفانوا في سبيلها وعاشوا في جوها وحنوا إليها كما يحن الطائر المحبوس إلى وكره حتى إذا وافتهم هذه الساعة كانوا أشد شوقا وإيمانا ورقة وحنانا وطربا واهتزازا وطرأت عليهم أحوال وآثار و أقبلت بوادر خير وطلائع سعادة يغبطهم عليها  كثير من الأحياء وأصحاب النعيم والسعادة  ويتمنون الوصول إلى هذه المكانة السامية والحصول علي علامات القبول في هذه الساعة الدقيقة التي هي محصول الحياة ولب الألباب .
-        هذا الشوق يظل طول العمر حتى إذا جاءت لحظة القرب ..زاد وفاض فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يعيش حياته بالشوق لله وكان يفرح بالمطر ويتلقاه بثوبه ولما يُسأل عن ذلك يقول"إانه حديثُ عهدِ بربه"
 ولما جاء التخيير بين زهرة الدنيا وبين ما عند الله واختار ما عند الله وتروي عائشة ذلك أنه نصب يده وهو  يقول " الرفيق الأعلى الرفيق الأعلى " حتى قُبض صلي الله عليه وسلم ومالت يده . رواه البخاري في المغازي .
-        وتربي في أحضان  مدرسة النبوة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه شهيدا ومنهم من انتظر حتى جاء موعد اللقاء ...
-        انظر إلى ذلك الجبل الشامخ الذي يناطح بهمتِه السحاب سعد بن معاذ بعد ما حكم بحكم الله وحكم رسوله علي بني قريظة اشتاق للقاء الله فدعا قائلا " اللهم ان  كنت أبقيت علي نبيك من حرب قريش شيئا فابقني  لها وان كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك "
فينفجر جرحه الذي جرحه في يوم الخندق من  خلال سهم ابن العرقة المشرك القرشي والذي كان قد برئ ..سبحان الله قدر الله له ذلك ليجعلها شهادة .. اشتاق إلى الله فاشتاقت الملائكة إليه وسر العرش وفرح واهتز بموت سعد  وشهد  موته سبعون آلفا من الملائكة ما نزلوا إلى الأرض قبل موته .
-        قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ"  رواه احمد ومسلم عن انس واحمد والبخاري ومسلم عن جابر .

-        قال الحافظ ابن حجر " واهتزاز العرش استبشاره وسروره بقدوم روحه"

-        وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش وفتحت أبواب السماء وشهده سبعون آلفا من الملائكة لم ينزلوا إلى الأرض قبل ذلك ولقد ضم ضمة ثم افرج عنه " إسناده صحيح رواه النسائي .
-        عبد يمشي علي الأرض بقدميه يهتزله عرش الرحمن فرحا ...عبد... يا له من عبد صاحب قلب مشتاق
وانظر وارفع رأسك إلى ذلك النجم الغابر المتألق في الأفق معاذ بن جبل رضي الله عنه .. حين يحتضر
يقول : مرحبا بالموت مرحبا زائر مغب حبيب جاء علي فاقة اللهم إنك تعلم أنى كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك .
اللهم إنك تعلم أنى لم اكن احب الدنيا وطول البقاء فيها لكري ( حفر ) الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء عند اللركب وكان تحضره السكرات ويفيق ويقول : اخنق خنقك وشد شدك فوعزتك انك لتعلم أنى احبك ..
أخي ... لم نخلق لنحيا في الدنيا نلهو ونلعب إنما خلقنا لنحيا مع الخالق في دار غرسها بيده .. وهذا الشعور واليقين في أبناء الصحوة الإسلامية يفجر ينابيع الطاقة في البذل والعطاء فاقتد ِبمن سبقك من الرجال تشبه بهم واجعل كلماتهم حاديك إلى الله .
كان حكيم الأمة أبو الدر داء يقول : "أحبُّ الموت اشتياقاَ إلى ربي وأحب الفقر تواضعا لربي وأحب المرضي تكفيرا لخطيئتي "
وراوية الإسلام أبو هريرة رضي الله عنه يقول في شكوى مرضه " اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي "
وهذا هو دواء وعلاج مرض المادية الجوفاء العرجاء التي استولت علي كل مجال من مجالات حياتنا وحالت دوننا ودون البذل والعطاء وتقديم تلك المشاعر قربانا للمولي تبارك وتعالي في تلك الأوقات التي تمر بها الأمة والتي وصف حالها النبي صلي الله عليه وسلم فقال : أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال بل انتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن " قالوا : وما الوهن يا رسول الله ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت " صححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 958 .
والمقصود بالموت الموت في سبيل الله عز وجل وما أنكر النبي صلي الله عليه وسلم علي الصحابة الذين قالوا : كلنا يكره الموت عندما قال لهم ( من احب لقاء الله احب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه )ثم قال النبي صلي عليه وسلم أن المؤمنين إذا فرج له عما قادم عليه – احب  لقاء الله  فاحب الله لقاءه " رواه البخاري ومسلم .
فظهر أن الموت الذي عناه رسول الله صلي الله عليه وسلم  في سبيل الله والوهن الذي ذ مه هو حب الدنيا والتلذذ بهاو عدم الرغبة في الشهادة في سبيل الله عز وجل – فإن هذا خلاف ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم فقد كان خالد بن الوليد يقول للروم ( أتيتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة )
 أزمة روحية
هذا الشوق إلى الله الجارف الذي يدحض حب الدنيا وينكس رأسه أمام إشراقة هذا الشوق إذا غامر قلوبنا سنحيا حياة غير هذه الحياة ونحقق الاستغناء بالله والأنس به مما يحبب لنا الآخرة فنبذل لها حق البذل في العلم والعمل والدعوة إلى الله تعالي فنحن بصدد أزمة روحية حقيقية لاحل لها إلا باللوذ والاعتصام بالقرآن الكريم ومعانيه العطرة في تحبيب الآخرة وتبغيض الدنيا حتى نحقق الربانية علي أثر الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم واصحابه الكرام رضوان الله عنهم أجمعين .

أخير ا نستغفر الله من وصف حال لم نشم له رائحة ولم نذقه ولكن محبة القوم تبعث علي تتبع أقدامهم وآثارهم وان كنا لانري غبار أقدامهم فنتعرض لمولانا ربنا تبارك وتعالي فمولانا مولاهم ويعطينا من أكرمهم أعطاهم ...

نسأل الله أن ينفعنا بما قلنا وأن يجعله حجة لنا لا علينا وأن ينفع به كل من قرأه ونشره وعمل به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

للاستزادة : 1) اعلي النعيم الشوق إلى الله ورؤية وجهة الكريم          
 د/ سيد حسين العفاني

                            2 ) صلاح الأمة في علو الهمة                                                

 د/سيد حسيت العفاني           

3 ) تذكير النفوس المؤمنة بأسباب حسن وسوء الخاتمة                 

د/ احمد فريد

  4 ) ربانية لا رهبانية                                                  

       أبو الحسن الندوي    


تم بحمد الله الإنتهاء من سلسلة 
{ نعيم الحياة في الشوق إلى الله }

أشواق قلب 1

أشواق قلب 2

لحظة اللقاء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Blogger Templates | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة