Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

الخميس، 9 يونيو 2011

لحظة اللقاء


لحظة اللقاء


كتبه / أبو بكر القاضي

بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم

-        إن وفاة العارفين وعباد الله المقربين من أروع الصور التي تبرز فيها المعاني الروحية السامية أمثال الحب والوفاء والشوق إلى اللقاء والثقة بوعد الله والحنين إلى رضاه حية ًشاخصةً رائعة ًفهي ساعةُ تتجلى فيها كل هذه المعاني والحقائق التي  جاهدوا لأجلها وتفانوا في سبيلها وعاشوا في جوها وحنوا إليها كما يحن الطائر المحبوس إلى وكره حتى إذا وافتهم هذه الساعة كانوا أشد شوقا وإيمانا ورقة وحنانا وطربا واهتزازا وطرأت عليهم أحوال وآثار و أقبلت بوادر خير وطلائع سعادة يغبطهم عليها  كثير من الأحياء وأصحاب النعيم والسعادة  ويتمنون الوصول إلى هذه المكانة السامية والحصول علي علامات القبول في هذه الساعة الدقيقة التي هي محصول الحياة ولب الألباب .
-        هذا الشوق يظل طول العمر حتى إذا جاءت لحظة القرب ..زاد وفاض فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يعيش حياته بالشوق لله وكان يفرح بالمطر ويتلقاه بثوبه ولما يُسأل عن ذلك يقول"إانه حديثُ عهدِ بربه"
 ولما جاء التخيير بين زهرة الدنيا وبين ما عند الله واختار ما عند الله وتروي عائشة ذلك أنه نصب يده وهو  يقول " الرفيق الأعلى الرفيق الأعلى " حتى قُبض صلي الله عليه وسلم ومالت يده . رواه البخاري في المغازي .
-        وتربي في أحضان  مدرسة النبوة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه شهيدا ومنهم من انتظر حتى جاء موعد اللقاء ...
-        انظر إلى ذلك الجبل الشامخ الذي يناطح بهمتِه السحاب سعد بن معاذ بعد ما حكم بحكم الله وحكم رسوله علي بني قريظة اشتاق للقاء الله فدعا قائلا " اللهم ان  كنت أبقيت علي نبيك من حرب قريش شيئا فابقني  لها وان كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك "
فينفجر جرحه الذي جرحه في يوم الخندق من  خلال سهم ابن العرقة المشرك القرشي والذي كان قد برئ ..سبحان الله قدر الله له ذلك ليجعلها شهادة .. اشتاق إلى الله فاشتاقت الملائكة إليه وسر العرش وفرح واهتز بموت سعد  وشهد  موته سبعون آلفا من الملائكة ما نزلوا إلى الأرض قبل موته .
-        قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ"  رواه احمد ومسلم عن انس واحمد والبخاري ومسلم عن جابر .

-        قال الحافظ ابن حجر " واهتزاز العرش استبشاره وسروره بقدوم روحه"

-        وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش وفتحت أبواب السماء وشهده سبعون آلفا من الملائكة لم ينزلوا إلى الأرض قبل ذلك ولقد ضم ضمة ثم افرج عنه " إسناده صحيح رواه النسائي .
-        عبد يمشي علي الأرض بقدميه يهتزله عرش الرحمن فرحا ...عبد... يا له من عبد صاحب قلب مشتاق
وانظر وارفع رأسك إلى ذلك النجم الغابر المتألق في الأفق معاذ بن جبل رضي الله عنه .. حين يحتضر
يقول : مرحبا بالموت مرحبا زائر مغب حبيب جاء علي فاقة اللهم إنك تعلم أنى كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك .
اللهم إنك تعلم أنى لم اكن احب الدنيا وطول البقاء فيها لكري ( حفر ) الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء عند اللركب وكان تحضره السكرات ويفيق ويقول : اخنق خنقك وشد شدك فوعزتك انك لتعلم أنى احبك ..
أخي ... لم نخلق لنحيا في الدنيا نلهو ونلعب إنما خلقنا لنحيا مع الخالق في دار غرسها بيده .. وهذا الشعور واليقين في أبناء الصحوة الإسلامية يفجر ينابيع الطاقة في البذل والعطاء فاقتد ِبمن سبقك من الرجال تشبه بهم واجعل كلماتهم حاديك إلى الله .
كان حكيم الأمة أبو الدر داء يقول : "أحبُّ الموت اشتياقاَ إلى ربي وأحب الفقر تواضعا لربي وأحب المرضي تكفيرا لخطيئتي "
وراوية الإسلام أبو هريرة رضي الله عنه يقول في شكوى مرضه " اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي "
وهذا هو دواء وعلاج مرض المادية الجوفاء العرجاء التي استولت علي كل مجال من مجالات حياتنا وحالت دوننا ودون البذل والعطاء وتقديم تلك المشاعر قربانا للمولي تبارك وتعالي في تلك الأوقات التي تمر بها الأمة والتي وصف حالها النبي صلي الله عليه وسلم فقال : أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال بل انتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن " قالوا : وما الوهن يا رسول الله ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت " صححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 958 .
والمقصود بالموت الموت في سبيل الله عز وجل وما أنكر النبي صلي الله عليه وسلم علي الصحابة الذين قالوا : كلنا يكره الموت عندما قال لهم ( من احب لقاء الله احب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه )ثم قال النبي صلي عليه وسلم أن المؤمنين إذا فرج له عما قادم عليه – احب  لقاء الله  فاحب الله لقاءه " رواه البخاري ومسلم .
فظهر أن الموت الذي عناه رسول الله صلي الله عليه وسلم  في سبيل الله والوهن الذي ذ مه هو حب الدنيا والتلذذ بهاو عدم الرغبة في الشهادة في سبيل الله عز وجل – فإن هذا خلاف ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم فقد كان خالد بن الوليد يقول للروم ( أتيتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة )
 أزمة روحية
هذا الشوق إلى الله الجارف الذي يدحض حب الدنيا وينكس رأسه أمام إشراقة هذا الشوق إذا غامر قلوبنا سنحيا حياة غير هذه الحياة ونحقق الاستغناء بالله والأنس به مما يحبب لنا الآخرة فنبذل لها حق البذل في العلم والعمل والدعوة إلى الله تعالي فنحن بصدد أزمة روحية حقيقية لاحل لها إلا باللوذ والاعتصام بالقرآن الكريم ومعانيه العطرة في تحبيب الآخرة وتبغيض الدنيا حتى نحقق الربانية علي أثر الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم واصحابه الكرام رضوان الله عنهم أجمعين .

أخير ا نستغفر الله من وصف حال لم نشم له رائحة ولم نذقه ولكن محبة القوم تبعث علي تتبع أقدامهم وآثارهم وان كنا لانري غبار أقدامهم فنتعرض لمولانا ربنا تبارك وتعالي فمولانا مولاهم ويعطينا من أكرمهم أعطاهم ...

نسأل الله أن ينفعنا بما قلنا وأن يجعله حجة لنا لا علينا وأن ينفع به كل من قرأه ونشره وعمل به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

للاستزادة : 1) اعلي النعيم الشوق إلى الله ورؤية وجهة الكريم          
 د/ سيد حسين العفاني

                            2 ) صلاح الأمة في علو الهمة                                                

 د/سيد حسيت العفاني           

3 ) تذكير النفوس المؤمنة بأسباب حسن وسوء الخاتمة                 

د/ احمد فريد

  4 ) ربانية لا رهبانية                                                  

       أبو الحسن الندوي    


تم بحمد الله الإنتهاء من سلسلة 
{ نعيم الحياة في الشوق إلى الله }

أشواق قلب 1

أشواق قلب 2

لحظة اللقاء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Blogger Templates | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة