Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

الأحد، 24 أبريل 2011

شـــلالات الــــروح


شـــلالات الــــروح




كتبه / أبو بكر القاضي


 هنا تخرس الكلمات ويتُرك للقلوب العنان، هنا تستفيق القلوب من غفوتها وتستيقظ من غفلتها، هنا تباشر الحياة ومذاقها الرغد مع شلالات الروح ، قال تعالى: { أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءاً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ } (17) سورة الرعد .

 فهذه الآية الكريمة فيها من البصائر والأنوار ما نحاول عنه كشف الأستار ، فهذه الآية تحكي قصة الحياة طولاً وعرضا فالله أنزل من السماء ماءً طهوراً ليحيى به بلدة ميتاً ويسقى به أنعاماً وأناسى كثيراً هذا الماء به حياة الأبدان والأشباح ... وأنزل الله تبارك وتعالى من السماء - أيضاً وهى مصدر الخير والنور- الوحى الذى به حياة القلوب والأرواح .

 تتدفق المياه من شلالات الماء الصافية النقية فى أودية كل وادٍ على حسبه فى السعة والضيق فوادٍ كبير يسع ماءً كثيراً ووادٍ صغير يسع ماءً قليلاً  ...... وفى ظل ذلك الانجراف القوىّ للماء ترى بعض القاذورات تتدفق على سطح الماء فعلى قدر قوة السيل والشلال على قدر انجراف تلك الشوائب والزبد على حافتى النهر ولا يبقى فى الوادى إلا الماء والطمي الذى يجعل الله منه كل شيء حي ، هلا سمعتم وأنصتم ... أفلا تعقلون { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ } (30) سورة الأنبياء ، وأنظر إلى الأفق الآخر......

 شلالات الهدى والنور الثجاجة من القرآن والسنة تتدفق فى الأودية الربانية التى جعلها الله مستودع الأسرار ومحل نظر العزيز الغفار .... ألا وهى القلوب والأرواح فالقلب عالم كبير يسعُ الملكوت ملكوت السموات والأرض وهى آنية الله فى الأرض قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :
    ( إن لله آنية من أهل الأرض و آنية الله في الأرض قلوب عباده الصالحين فأقربها إليه أرقها و ألينها ) .
     فقلب كبير يسع علماً كثيراً وقلب صغير يسع علماً قليلاً، وعلى قدر تلقى الوحى تتسع القلوب وتكبر وتصبح الأرواح عظيمة فتحوى ما يحبه الله من صدق وإخلاص وتجرد وحب وخوف ورجاءاً وأنساً به وتوكلاً عليه تبارك وتعالى وعقلاً وفهماً عن الله مراده وكلام رسوله
   ومقاصدشرعه... أرواح عظيمة تحمل أصحابها على البذل والإيثار والدعوة إلى الواحد القهار تبارك وتعالى.... أرواح عظيمة تحث على النصح والرحمة بالخلق ألم تر إلى نبى الرحمة 

 وربه يعاتبه على رحمته على الكفار التي كادت تقتله (صلى الله عليه وسلم) { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا } (6) سورة الكهف .

    وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):( انما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد ناراً فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيه ) رواه مسلم .

ألا تسمع لذلك الصوت الآتي من الآخرة تشم منه عبق الجنة الطاهر  { قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ،بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ } سورة يــس.
   ناصح لقومه في حياته وبعد مماته...

 ألم تسمع إلى حكاية الله عن وجدان المؤمن الصادق المحب لربه ودعوته { يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون } (30) سورة يــس.

 حسرات فى القلوب السليمة على هؤلاء الذين خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها حب الله والتنعم بذكره تبارك وتعالى..... قلوب وأرواح تتدفق فيها شلالات النور أمواج متلألأة تغسل أرض القلوب من الشبهات والشهوات وتجرف على قدر قوتها الزبد من التصورات الباطلة والإرادات الفاسدة حتى تطيب أرض القلوب وتنبت من كل زوج بهيج ، وفى صحيح مسلم عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فأصاب منها طائفة نقية قبل الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير).

 فعلى قدر قوة الشلال الطاهر من الهدى والعلم وخصوبة أرض القلب لتلقى ذلك يكون العمران عمران القلوب ثم عمران الكون كله...




ثم يضرب الله مثلا آخر

 {ومما يوقدون عليه فى النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله}



وهذا أفق آخر وبُعد آخر فيه نرى المواجيد الربانية فى القلوب من شوق وحب وصبر وتوبة مع ابتلاءات ، كلمات من الله كالنار مع المعادن النفيسة تنقى عنها الخبث والكير فتخرج لامعة وهكذا القلوب تتلألأ كالكوكب الدرى كما ضرب الله لها مثلاً فى القرآن { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (35) سورة النــور

 فعلى قدر اللإبتلاء يكون الاصطفاء وعلى قدر التعرض لنفحات الله تكون الرحمات والبركات لتصيغ القلوب الكبيرة والأرواح العظيمة .

 وهنالك يبتان الحق من الباطل ويزهق ذلك الباطل من الأرض كلها بعد وصوله فى تلك القلوب الزجاجية النقية الشفافة { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ} (17) سورة الرعد.

 لكى نفهم عنه لكى نعرفه لكى نعلم ولا يعقلها إلا العالمون ، هذا الزبد من الشهوات والشبهات وتجليات الباطل ومظاهره فى النفس والمجتمع من رؤى نظرية وعمليات حركية لصد البشر عن طريق النور وكفهم عن رؤية البراهين الشافية والآيات النورانية الباقية كل ذلك إلى الجُفاء إلى مزبلة التاريخ....

 وأما الذى يبقى ويتصل بمعنى الخلود والبقاء فهو ما اتصل بالباقى الوارث تبارك وتعالى من معنى جميل امتثل فى القلب والروح وكلمة صدق خرجت من اللسان وحركة جارحة لم تتحرك على الأرض وحسب بل شقت طريقها إلى السماء بعملها لوجه الله والدار الآخرة.

 وهذا خلاصة ما قاله الإمام مالك فى مقولته التى كتبت بماء الدموع :
( ما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصـــل )

 أخى يا من ترجو أن تكون من أصحاب القلوب الكبيرة والأرواح العظيمة اسبح مع شلالات الروح واجعلها تغمرك بجمالها وأحضانها الدافئة مع استسلام وإخلاص وتيقن أنك ستهدى لسبيل الله وستخرج من الظلمات إلى النور...

 جاهد نفسك وهواك وتعلم واعمل واصْبر على مواجيد الشوق والحب فإن المرء يبدأ الطريق حاملاً نفسه عليه وينتهى به الأمر محمولاً إلى الله برعايته وتوفيقه.
    {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (69) سورة العنكبوت  

الثلاثاء، 12 أبريل 2011

الأجنحة الصغيرة


الأجنحة الصغيرة

دعوة لتآزر الأجيال لا لصراع الأجيال




كتبه / أبو بكر القاضي

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

من نعم الله علينا أن فتحنا أعيننا فإذا نحن بدعوة الله تبارك وتعالي قد انتشرت في كل مكان وكان لمشايخنا وعلمائنا فضل السبق في التعليم والتربية والتضحية في سبيل هذه الدعوة المباركة بالأعمار والأموال وهذا والله شرف عظيم نسأل الله أن يديمه عليهم وأن يلحقنا بهم .


لقد انتشرت مبادئ وقيم الدعوة السلفية ( وسمها بأي اسم المهم المنهج  منهج القرآن والسنه بفهم أعلم الناس بهما وهم الصحابة رضي الله عنهم وبقية القرون الخيرية ) دعوة ملؤها الخير والنور وانطلقت أسراب الطيور المغردة تشق الظلمات بفجر تلك الصحوة المباركة .


وإذا هذه الطيور تكبر وتنضج ويشتد عودها وينشر جناحها ويكتب لها القبول والإنتشار بين الناس وبهذا الجناح القوى تقطع المسافات الطوال في طريق السير إلى الله  والدارالآخرة في طريق العلم والعمل والدعوة وما حصل ذلك الجناح الوارف الظلالْ الا بالعمل والكسب والتضحية والتوفيق أولاً
وآخراً بيد الله تبارك وتعالي .


ثم تنطلق الأسراب تلو الأسراب من العصافير الصغيرة التي فتحت أعينها فوجدت صقورا قوية تقود تلك الأسراب في مسيرتها إلى الله تبارك وتعالي .
إنه منظر رائع حقا حين تري ذلك المشهد طيورا تضرب بأجنحتها القوية والضعيفة وكل علي قدره في أفاق السماء حباً وشوقاً إلى الله تبارك وتعالي تريد أن تجوب الدنيا كلها دعوة وتربية وتعليماً لتخرج أجيالاً أخرى ينظرون إلى فوق ويتعلقون برب السماء ويعلمون رسالتهم الخالدة ..
جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة    
يبشرون بالفجر والنور الأكيد إشراقه
( يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متم نورة ولو كرة الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولوكره المشركون )


وفجأة .. خلال تلك المسيرة المباركة إذا بعصفور يضرب بأجنحته الصغيرة في أجواء السماء فإذا بالريح تصفع جناحيه الصغيرين صفعات مؤلمة .... يكاد من جرم الألم يخر من السماء ولايشعر به أحد من أقرانه من العصافير الصغيرة الذين هم أصلب عوداً و أشد قوة وهذا التفضيل من دلائل ربوبية وألوهية ملك الملوك تبارك وتعالى (وربك يخلق ما يشاء ويختار).
وذكر تبارك وتعالي الحكمة في ذلك في الحديث الصحيح حين سألها آدم عليه السلام  فقال: ( يآدم إني أحب أن أشكر ) .


جناحان صغيران ضعيفان لم تثقلهم العواصف ولم تقوهم الأعمار والعلوم والأعمال ...... وهما صغيران في كل شئ فماذا يحتاج ذلك العصفور الذي ملأ قلبه حب و شوق حركه في فضاء الحياة لكي يكون له نصيب من تلك السماء الواسعة الشاسعة وهى تسعه وتسع غيره وهى مخلوقة لله , فكيف تكون الدعوة إليه كيف يكون فضل الله وخزائن جوده تبارك وتعالى ( والله يرزق من يشاء بغير حساب ) ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) .


إنَّ الضرب بالأجنحة في فضاء الدعوة إلى الله يسع كل من أخلص قلبه لله وأسلمه لربه حباً وشوقاً ويقيناً وتضحية وإن كان جهد المقل وإن كان الجناح صغيراً جداً بل أقول قد يسبق ذلك الجناح جناحاً كبيراً قد شاب ريشه وقويت عظامه ألم تسمع قول البني صلي الله عليه وسلم: ( سبق درهم مائة ألف درهم ) ألم تسمع لذلك الصوت الآتي من أغوار الغيب علي لسان نبينا صلي الله عليه وسلم حاكياً عن ذلك الراهب المتجرد المربي: ( أي بني إنك اليوم أفضل منِّى )


هذا الجناح الصغير الذي صفعته الرياح وهى شديدة وحق لها أن تألمه فيها ظلمات ورعد وبرق هي فتن وإختبارات تموج كموج البحر المظلم شديد السواد هذا الجناح الصغير الجريح يحتاج إلى الأجنحة الكبيرة أن تحتويه بريشها الدافئ من ذلك البرد القارس وأن تضمد جراحه الغائرة  وأن تشعره بالأمان  الذي ظن أنه فقده من جراء ما رءاه في تلك الظلمات من الرياح ... يذكرونه ( الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) يذكروه بالحنان ( رحماء بينهم ) ( أذلةٍ علي المؤمنين ) ( إنى أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون ) فهناك ظلمات وهناك طيور لهذا الظلام ينشرون الشقاء والتعاسة من خلال الغاسق إذا وقب ...


فقد رأي فيهم الغلظة والجفاء وذلك طبيعي لأنهم اعداؤه  أما العجيب هو أن توجد تلك الغلظة والجفاء في حاملي النور وطيور الهدى أصحاب رسالته وقضيته ولاحول ولاقوة ألا بالله ...


يحتاج ذلك الجناح الصغير لمن يقول له انطلق طِر ولو لِلَحظات فإذا ضعف وجد ذلك الجناح القوي من خلفه يقويه ويعضده ويقول له لا عليك أنت قوى بالله ثم بإخوانك ومشايخك .


هذا هو تآزر الأجيال لا صراع الأجيال لا سيطرة الجناح الوارف الظلال علي كل شئ حتي يكاد - شعر أو لم يشعر- يطيح بالصغار أصحاب الأفئدة النقية الغضة الطرية .


إن الأجنحة الكبيرة عليها دور ثقيل في إحياء ذلك الاحتواء وتلك الرعاية الصادقة التي يصدق فيها عبارة التآزر التي تشعرك بالقوة في حنان .. والنصرة في توجيه رؤوف... والتربية في نظرة ملؤها الحب والود حتى وإن كانت معنفة معاتبة...


هاهو ذاك العصفور الصغير يحتويه ذلك الصقر الكبير بجناحيه العظيمين في كل شئ فضلاً عن الدفء و الرحمة ... يقول له سوف تكون في يوم من الأيام مثلي وأفضل فاشدد عودك وقوِّ قلبك واربط عليه بالإستعانة بالله وطر و انطلق وإياك والنظر إلى جناحيك بل انظر إلى الوهاب تبارك وتعالي واطلب منه المزيد ( وقل رب زدني علما ) هو سحاء الليل والنهار أرأيت ماذا أنفق منذ خلق السماوات والأرض لم يغض مافي يمينه فإياك والطمع في أي شئ إلا في فضله تبارك وتعالي إسبح في الفضاء الواسع واجعل أحضان السماء تحوطك وتشملك وستجد السعة والراحة والرفعة المتجهةإلى فوق بلا تناهي ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ) .


 ووقر الأجنحة الكبيرة واعمل بنصحهم واغضض طرفك عن عيوبها فقد دُفنت العصمة مع المعلم الأكبر رسول الله صلى لله عليه وسلم
واعمل بهمتك فوق الأهوال والعواصف والأمواج المتلاطمة واستمسك بالنور(ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور) وإياك والخوف إلا من الله 
( إن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون ) .


فيضرب العصفور الصغير بجناحيه بقوة وكأنه حي بعد موت وأفاق بعد غفله وقوى بعد ضعف .
وينطلق وأركان ضميره شاكرة لله تبارك وتعالي ولذلك الصقر العظيم ويتذكر قول الله عز وجل :
( ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كرزع أخرج شطئة فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقة يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً ) .

وصل اللهم علي محمد واله وصحبه وسلم

الاثنين، 11 أبريل 2011

آخر الفرسان


آخــــر الفرســـــــان

كتبه / أبو بكر القاضي


? شخصية فريدة ... بطولة عتيدة .... فروسية حقيقية ، ذلك الفارس المغوار والبطل الذى يشق بفرسه الظلمات وتتبدد تحت سنابك فرسه الشهوات والشبهات وبغرته وسيقانه المحجلة تتدفق الأنوار لتنير للسائرين وراءه الطرقات... فهو العالم الفذ ، والعابد المتأله والمصلح المفكر ، والمجاهد بالبيان والسنان يحمل رسالة الهدى و النور التى لا تعرف الحواجز الأرضية ولا الحدود الجغرافية فهى بحق عالمية
      {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (107) سورة الأنبياء.


? هذه الرسالة لا تبنى قصوراً على الرمال ولا تترك الواقع معانقة للخيال بل هى تعالج الواقع بكل علله مصطحبة ثوابتها ومبادءها وربانيتها فهى بذلك واقعية وهى أيضاً لا تقصر نفسها على مجال فى الحياة دون مجال بل هي صاحبة نظرة شمولية للدين والدنيا وظيفتها حفظ الدين وسياسة الدنيا به.

? رسالة عظيمة تتدفق رحمةً وهدىً ونوراً وإيماناً ينهل البشر منه فما يزيدها الانهال إلا فيضاناً وبقاءً وخلوداً عبر الزمان والمكان
    { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ} (17) سورة الرعد.

? انطلق فارسنا مؤمناً برسالته العظيمة يسبق إلى مراضي الرحمن تبارك وتعالى يسمع كل هيعة وصيحة ليجيبها .... يا خيل الله اركبى ، فيجيب
     { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}(84) سورة طـه.

? هذه الاستجابة فى كل خير وفضل لا يألوعلى الدنيا ولا يلتفت إلى الأغيار
ولاحتى المنافسين وهو صادق التوجه مستعينا بالله يعلم قوله تعالى في الحديث القدسي(واغزهم نغزك) كل يوم غزوة فى سبيل الله ... انتصاراً على النفس الأمارة بالسوء وشياطين الجن والإنس ، حتى خرجت نفسه من نفسه فأصبح رجلاً بمعنى كلمة رجولة ... وأيضاً ليس أىّ رجل بل من رجال الله
    {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (23) سورة الأحزاب.

? اختلط حب الله بشحمه ولحمه ... اختلطت أنفاسه وزفراته بهموم أمته ألماً وأملا ... ترحا وفرحـاً، فاكتسبت حركاته وسكناته صبغة العبودية والربانية، فأصبح لسان حاله يخاطب ويناجى ربه استجابة وراء استجابة .

? ليست الاستجابة فى عبادة دون عبادة ولا وقت دون وقت بل يقول من أعماق فؤاده وكيانه... لبيك اللهم حياة كاملة وعمراً وافراً،
    {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ،لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } (162، 163) سورة الأنعام

? لقـد طال عليه الليل وهو يفكر فى أمر أمته فى آلامها وآمالها حاضرها ومستقبلها، أليس لهـذا الليل نهاية ...ألا لكل ليل آخر ، ولكل ظلمات فجراً ، ولكن هل لك أيها الفارس دور؟؟
    فـالفجر آت لا محالة ونصر الله قريب، والله متم نوره ولو كره الكافرون، فلا تقلق الا على نفسك.

? أيها الفارس دورك يتأتى أولاً باعتصامك بالله فى أن تمشق سلاحك البتار وسيفك البراق الذى يفرق بين الحق والباطل هذا هو القرآن النور والروح والحياة .. القرآن يصنع الفرسان، يخرجهم من الظلمات إلى النور ومن جملة الأموات إلى حقيقة الحياة ويهديهم بإذن الله إلى صراط مستقيم ثم الصبر على عقبات الطريق فانما النصر مع الصبر...هذاالدور يمتثل صوتا عنيفاً ينطق به حال المسلمين في كل مكان.

? هذا الصوت هز أعماق آخر الفرسان .. فعلم أن الوقت حان ولابد من تدارك الزمان وتحقيق الإيمان .. من علم وعمل ودعوة إلى الرحمن، فقام يجوب الدنيا يعبدها لله يربط بين الأرض والسماء والدنيا بالآخرة يدعو إلى الله ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله!!.

? يمتطى فى ذلك الليل والنهار والسهول والقفار ليصل إلى ربه غاية أمره ومناه العزيز الغفار، {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} (5) سورة نوح.        

? يريد أن يأخذ بنصيبه من شرف التجديد ان لم يكن هوالمجدد فهو مشارك باذل فى تجديد أمر الدين (إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها) فيأخذ من إرث النبوة ذلك النهر الثجاج من العلم النافع والعمل الصالح والدعوة إلى الله، {وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} (170) سورة الأعراف.

? {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3) سورة العصر
    علم بالشرع أصيل رصين وعمل متواصل فى الصلاح والاصلاح، ولا يفتأ ذلك الفارس عن الصيام والقيام وقراءة القرآن ، وذكر الرحمن ، وهو هو من يعلم ويتعلم ويشارك فى إصلاح أمته وإن خفى مكانه وقل من يدرى عنه ويحسب له حسبانه فهو بحق رجل الصدق والإخلاص والتجرد ( إن كان في الحراسة كان فى الحراسة وإن كان فى الساقة كان فى الساقة) فهو رجل المرحلة ، وهو آخر الفرسان الذى سوف ينطلق وحده ثم ستنطلق خلفه جحافل الفرسان المجددون المقتدون بقائدهم فهو آخر الفرسان صبرا على التفرد والغربة  ففاز بالوصل قبلهم وبالدلالة على الخير دونهم جذبه عبق السلف والأجداد فى السبق فى الخيرات.

? هيا أيها الفارس النبيل فالعالم ينتظرك ويترقب قدومك يعد اللحظات لكى يرى صاحب القلب السليم النقي الصافي الصلب كالزجاج الذي ضرب الله به المثل في القرآن لقلب المؤمن الذى يسافر به قبل بدنه وفرسه، فهل من رجل على ذلك الوزان حتى يفز بلسان الصدق فى الآخرين
   ويذكر عبر الزمان...... بآخر الفرسان  

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Blogger Templates | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة