Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

السبت، 21 مايو 2011

أشواق قلب 2


أشواق قلب 2
نعيم الحياة في الشوق إلى الله


كتبه / أبو بكر القاضي 

بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم
أما بعد
كان أبو عبيده الخواص يمشي في الأسواق ويقول : واشوقاه لمن يراني ولا أراه..سبحانه .. وهذه هي درجة الإحسان في عبادة الله 
"أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك "
وهذا الشعور الذي يغامر القلب بنشوة وسرور يجعل العبد يشتاق للقاء الله تبارك و تعالى و حقيقته الانفعال بهذا الشوق في كل حركة وسكنه واستحضار ذلك وحضور القلب فيه وذلك حسب معرفته وعلمه 
يقول ابن القيم : ( إذا شهدت القلوب من القرآن ملكاً عظيما جواداً جميلاً هذا شأنه ، فكيف لا يكون احب إليها من كل ما سواه ورضاه اثر عندها من رضا كل من سواه؟! وكيف لا تلهج بذكره ، ويصير حبه والشوق إليه والأنس به هو غذاؤها وقوتها ودواؤها بحيث ان فقدت ذلك ، فسدت وهلكت ولم تنتفع بحياتها ).
فاللذة تابعة للمحبة تقوي بقوتها وتضعف بضعفها فكلما كانت الرغبة في المحبوب والشوق إليه اقوي كانت اللذة بالوصول إليه أتم .
والمحبة والشوق تتبعان لمعرفة القلب به والعلم به ، فكلما كان العلم به أتم ، وكانت محبته أكمل .
فإذا رجع كمال النعيم في الآخرة وكمال اللذة إلى العلم والحب ، فمن كان بالله واسمائه وصفاته أعرف  كان له أحب ، وكانت لذته بالوصول إليه ومجاورته والنظر إلى وجهه وسماع كلامه أتم .. وكل لذة ونعيم وسرور وبهجة بالإضافة إلى ذلك كقطرة في بحر .

يا سروري ومنيتي وعمادي
وأنيسي وعدتي ومرادي
أنت روح الفؤاد أنت رجائي
أنت لي مؤنسي وشوقك زادي .

هكذا يتلبس القلب بتلك المنزلة الرفيعة في كل إرادة وعبادة ويستحضر غايته في اعلي النعيم في الآخرة وهو رؤية وجه الله الكريم .
يقول تعالي : " للذين احسنوا الحسني وزيادة " ( سورة يونس 26 )
وانظر إلى هذا الحديث الذي يبين لك أن الشوق ليس حالٌ قلبي فحسب بل انه  حاد للقلب والبدن إلى الله

في الصحيحين عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال " كنا جلوسا مع النبي صلي الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال أنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا لاتضامون في رؤيته ، فان استطعم ان لاتغلبوا علي صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا .."
..يا لغربتنا!!.. ما أحوجنا إلى هذا الحديث لنعالج به تخلفنا عن صلاة الفجر وتكاسلنا عن صلاة العصر بل واستحضار هذه النية فيهما فمن منا فعل ذلك ؟؟ نريد أن نعيش الحياة جنة باستحضار ذلك الشوق الذي يهز القلب هزا عنيفا ويحرك البدن في مرضاة الرب .
  • قال عابد في مناجاته " لك هطـلت الاماق ( العيون ) ولك بكت الأحداق وذكرك مشهور في الآفاق ينعم بحبه أهل الإشفاق ، يا من يداوي جراحات أهل الوجد والاحتراق .
وكن لربك ذا حب ومن قلق                   أن المحبين للأحباب خدام
قوم يبيتون من وجد ومن قلق                   ومن محبته في الليل قوام
قد قطعوا الليل دهرا في محبته              ما إن ترونهم بالليل نوام

في صحيح مسلم عن صهيب رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" إذا دخل أهل الجنه يقول الله عز وجل : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تُبَيِّض وُجُوهَنا ؟ ألم تُدخِلنا الجنه وتُنجنا من النار ؟
قال : فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا احب إليهم من النظر إلى ربهم .. ثم تلا هذه الاية
" للذين احسنوا الحسنى وزيادة " ( سورة يونس 26 )
لمثل هذا فليعمل العاملون .. لمثل هذا فليقم بالدياجى والليل القائمون .. لمثل هذا فليصم النهار الصائمون لمثل هذا فليستغفر بالأسحار المستغفرون .
لمثل هذا فليتل القران التالون المشتاقون والله إن هذا لهو الفوز العظيم  ويستمر هذا الشوق يخالط ويغامر قلبه حتى يخلتط بشحمه ولحمه ..
يقول ابن القيم : عن هؤلاء القوم المشتاقين إلى ربهم
" إذا صعد النفس صعدوه إلى محبوبهم صاعدا إليه متلبسا بمحبته والشوق إليه فإذا أرادو دفعه دفعوا معه نفسا آخر فكل أنفاسهم بالله والي الله إلا إذا غلبتهم النوم وكثير منهم من يري في نومه : انه كذلك لالتباس روحه وقلبه فيحفظ عليه أوقات نومه ويقظته ولاتستكر هذه الحال ..فان المحبة إذا غلبت علي القلب وملكته أوجبت له ذلك لا محالة " ( مدارج السالكين )
فهذا أول علامة للمشتاق دوام أمواج الحب المتلاطمة في قلبه وانفعاله لذلك في عباداته وأراداته وسلوكياته وتبقي علامة أخرى .. وأخيرة.. مسك الختام ودرة الكلام نؤجلها للحلقة القادمة ..

أقول  قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Blogger Templates | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة